هل تأييد خيار الحسم العسكري يعني دعم استمرار الحرب

بلو نايل بوست Blue Nile Post

هل تأييد خيار الحسم العسكري يعني دعم استمرار الحرب!!.

 

*محمد الضو شولة*

 

من بداية الحرب ظهرت حملات بتحاول توصل للناس مفهوم أن اي شخص يؤيد خيار الحسم العسكري هو داعم لإستمرار الحرب ولا يهمه معاناة المواطن ولا نزيف الوطن ولا مخاطر تفكك وانهيار الدولة وازدادت حدة هذه الحملات بصورة كبيرة في الأونة الأخيرة بعد اتساع رقعة الحرب وتضخم فاتورتها من نزوح المواطنين وزيادة معدلات الفقر والبطالة وانهيار المؤسسات الصحية والتعليمية والبنية التحتية والتضخم الإقتصادي وارتفاع الأسعار وسقوط المدن وغيرها طبعآ الحملات دي منها حملات ممنهجة وتحمل اجندة خبيثة سنتطرق لها لاحقآ ومنها حملات عفوية من مجموعات وطنية عندها مبررات قد تكون مقبولة ودي هي المجموعة البتهمني وسأحاول مناقشة الإفتراضات او المبررات التي بنت عليها فكرتها بالحجة والمنطق والإنصاف قدر الإمكان بإذن الله وحتي لا أطيل عليكم نحاول نبدأ متوكلين علي الله.

 

لابد من الرجوع لهذا المقال بعد اكمال قراءة المقال الحالي ففيه كثير من التوضيحات.

 

“رابط مقال مناقشة موقف الرافعين لشعار لا للحرب”

 

https://www.facebook.com/share/p/H62eiAjjRKwjEZ37/?mibextid=oFDknk

 

*1*

من اقوي المبررات التي تستند عليها هذه المجموعة في فرضيتها أن قوات الدعم السريع تعبر عن الهامش وتقاتل من اجله ومع إحترامي لأصحاب هذا الرأي فهذه اكبر اكذوبة من الأكاذيب التي روجت لها الغرف الإعلامية لمليشيا الدعم السريع بكثافة كبيرة لإستقطاب اهل الهامش وإعطاء شرعية لحربها ضد الدولة هذه الحجة غالبية من يستشهد بها اصحاب اجندة خبيثة وينتمون لهذه القوات المتمردة لكن صراحة هنالك من يستشهد بهذه الحجة من الصادقين والمخلصين من ابناء الوطن الذين انطلت عليهم هذه الخدعة وحتي لا يكون كلامنا مجرد ادعاء وإنحياز لطرف دون الأخر لابد أن نوضح أن قوات الدعم السريع منذ نشأتها كانت ذراع الدولة في حسم صراع المجموعات المهمشة ثقافياً وتنموياً والتي تعبر عن ظلم حقيقي لإثنياتها بل الدعم السريع اساساً تم تأسيسه لحسم الحركات التي تعبر عن الهامش وفي عهد حكومة البشير التي كانت تصرف علي قوات الدعم السريع بسخاء لأداء مهامها المتمثلة في حسم صراع من يعبروا عن أهل الهامش قامت قوات الدعم السريع بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية شملت النهب والقتل والإغتصاب والتعذيب والتشريد وحرق مئات القري حيث قدرت ضحايا حرب الجنجويد ضد الإثنيات المحسوبة علي الهامش بأكثر من 300 الف قتيل واكثر من مليون نازح بل قام البشير بهيكلتها وتقنينها لحمايته من اي انقلاب محتمل وقوات الدعم السريع حتي قيام هذه الحرب اللعينة كانت جزءاً اساسياً من منظومة الدولة بل هي في الحقيقية عبارة عن إقطاعية عسكرية واقتصادية وسياسية مملوكة لعائلة آل دقلو ولديها شبكة علاقات اقليمية ودولية واسعة وتعمل خارج إطار القانون في نهب موارد الدولة ولديها تكتل أعمال تجارية وشبكة بزنس ممتدة لخارج حدود الدولة ولم نسمع ذات يوم للدعم السريع ذكر لقضايا اهل الهامش إلا بعد هذه الحرب التي أثبتت أن الدعم السريع مجردة أداة تنفذ اجندة دول اجنبية علي رأسها دويلة الإمارات التي تمول حرب المليشيا بالسلاح والمرتزقة وقد اثبتت ذلك تقارير أممية

ووسائل إعلام عالمية منها تقرير خبراء الأمم المتحدة وصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية والغارديان البريطانية وجاءت هذه الحرب لتؤكد حقيقة هذه المليشيا الإرهابية التي كانت حربها في المقام الأول ضد المدنيين حيث قامت بقتل وتعذيب وتشريد مئات الألاف والتهجير القسري للمواطنين وقامت بإحتلال منازل المواطنين والمستشفيات وتحويلها لسكنات عسكرية ونهب البنوك والأسواق ومؤسسات الدولة وفي دارفور اقدمت المليشيا علي قتل اكثر من 15 الف من إثنية المساليت في الجنينة وأردمتا وقامت بحرق مئات القري وارتكاب عشرات الآلاف من جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي التي وثقتها منظمات دولية وإقليمية ووسائل إعلام عالمية منها وكالة رويترز للأنباء وBBC البريطانية وCNN الأمريكية وتقارير أممية صدرت عن منظمة العفو الدولية قدم بها مدعي محكمة الجنايات الدولية كريم خان إحاطة موسعة لمجلس الأمن وتوعد فيها قادتها بالملاحقة والمحاكمة وارتكبت المليشيا المتمردة مئات المجازر في قري الجزيرة وسنجة وصلت ارقام فلكية اعتقد بعد كل ما ذكرناه قد اتضحت تماماً هذه الأكذوبة التي تروج لها الغرف الإعلامية لمليشيا الدعم السريع.

 

*2*

من الحجج التي يستند عليها اصحاب هذا الرأي هو أن الحرب قد اشعلها الفلول وعناصر النظام البائد عبر عناصرهم داخل مؤسسة الجيش للعودة للسلطة رغم أن هذا الإفتراض لا يستند لأي دليل ويتغافل عن التحشيد الذي كانت تقوم به قوات الدعم السريع قبل شهور من بداية الحرب والذي بلغ ذورته بتحريك قوات من منطقة الزرق لمروي ومحاصرة مطار مروي لكن سأكتفي بشاهد واحد فقط كافي لنسف هذا الإدعاء دعونا نركز فقط علي خطاب وبيانات مكتب الناطق الرسمي لقوات الدعم السريع في الساعات الأولي من إندلاع الحرب والتي تحدث فيها عن سيطرة قواتهم علي القيادة العامة وبيت الضيافة وقاعدة جبل اولياء معسكر الباقير والتصنيع الحربي ومقر الإذاعة والتلفزيون وأنهم قد حددوا مخبأ البرهان وكباشي ومحمد عثمان وجاري القبض عليهم والأهم من ذلك خطاب المتمرد حميدتي الذي تحدث فيه عن سيطرتهم علي معظم المطارات وأنهم قد قاموا بالفعل بتحييد الطيران وقد حددوا مخبأ البرهان وعصابته وسيسلمونهم للعدالة ودعوته للمواطنين بالبقاء في منازلهم لأن الحرب ستنتهي قريبآ علي حد قوله فهل هذا حديث رجل تم الغدر بقواته ام أن الحقيقة

أن قوات التمرد هي من بدأت الحرب وقد تكشف حالياً من خلال التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة وتخريب البنية التحتية وارتكاب المجازر ضد المدنيين العزل حقيقة من بدأ هذه الحرب وخطط لها.

 

*3*

من المبررات القوية التي تسستشهد بها تلك المجموعة القول بأن كل من يؤيد خيار الحسم العسكري يرفض اي تفاوض حتي لو كان يحافظ علي السيادة وبقاء الدولة ويؤدي لإيقاف نزيف الوطن ودا افتراض غير صحيح وناتج عن خلط بين من يؤيد خيار الحسم كخيار من بين الخيارات المطروحة لإيقاف الحرب وبين من يرفع شعارات قد تبدو غير اخلاقية وهم مجموعة {بل بس ،جغم ، متك} وهذه المجموعة عدا ثُلَّةٌ قليلة من المخلصين منهم هم من أسوأ إفرازات هذه الحرب اللعينة حيث نصبوا انفُسهُم كممثلين شرعيين لمصلحة الشعب ومتحدثين بإسمه وأنهم هم الحق وما سواهم الباطل ويحاولون شيطنة كل من يدعو لتفاوض حتي لو كان يحافظ علي بقاء الدولة وحمايتها من التفكك والإنهيار ويوقف نزيف الوطن وينهي معاناة المواطن هؤلاء بكل وضوح لا يهمهم معاناة المواطن بقدر ما تهمهم مصالحهم ومعظم هؤلاء بعيدون عن مناطق النزاع ولم يصيبهم ضرر بالغ من هذه الحرب ولا يشعرون بالمعاناة الكبيرة للنازحين والذين يعيشون تحت القصف واصوات الرصاص وعدوان البغاة والمتمردين من قتل ونهب وسلب واغتصاب للحرائر وتهجير للمدنيين واضرار بالغة لا يسع المقام لذكرها فهؤلاء لا يعنوني كأحد المؤيدين لخيار الحسم كخيار مطروح من بين خيارات اخري بل ادعوهم بكل صدق لمراجعة مواقفهم واتباع الحق والتوقف عن مماراساتهم الخاطئة.

 

*4*

وحتي لا يُفسر كلامي كإنحياز لمجموعة لا للحرب اؤد أن اوضح أني قد كتبت سابقاً مقالاً مطولاً فندت فيه كل مزاعم الرافعين لهذا الشعار بالحجة والمنطق ووضحت مكامن الضعف والخلل فيه وأنه لا يصلح كأرضية لإيقاف الحرب لأن رفع شعار لا للحرب بدون توضيح لآليات تطبيقه علي ارض الواقع هو سبب من اسباب استمرار هذه الحرب وحتي لا أشتت افكاركم ما اريد توضيحه أني لا اميل لأي من المجموعتين { لاللحرب ، بل بس} واختلافي معهم ليس في المضمون بل في ممارساتهم الخاطئة التي تعتبر سبب رئيسي في استمرار الحرب ومعاناة المواطن نحن لا نختلف مع من يؤيد خيار الحسم ولا من يؤيد خيار التفاوض كخيارات مطروحة لإيقاف الحرب لكننا نختلف مع ادعاء اي طرف من مجموعتي { لا للحرب ، بل بس} بإحتكار الحق واتهام الطرف الأخر بالخيانة والعمالة او عدم المبالاة لمعاناة المواطن والإتهام المتبادل بالتصنيفات الجاهزة {كوز ، قحاتي} ومحاولة الشيطنة المتبادلة كلها ممارسات ادت لإنسداد الأفق في الحوار وتوسيع الهوة بين اطياف المجتمع وبالتالي ادت لحرماننا من الوصول لحلول منصفة تؤدي لإيقاف هذه الحرب اللعينة وهي إن دلت إنما تدل علي عجز اي من الطرفين علي إثبات صحة موقفه بالحجة والمنطق لذلك يلجأ كل من الطرفين لهذه الأساليب لإخفاء ضعفه وغياب حجته.

 

*5*

نحن نحاول بقدر الإمكان تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف وتحري الصدق والإنصاف قدر الإمكان لذلك نكرر دومآ للطرف الرافض لخيار الحسم بإعتباره خيار غير اخلاقي بأنه لا يوجد إنسان فطرته سوية يرفض إيقاف الحرب وليس من مصلحة اي مواطن رفض إيقاف الحرب لأن المواطن هو من يعاني ويدفع ثمن استمرار الحرب وكل يوم يمُر من هذه الحرب تُزهق فيه ارواح وتُستباح فيه اعراض وتُشرد فيه أُسر لذلك كل مواطن سوي يتمني إيقاف الحرب اليوم قبل الغد إلا قلة من المنتفعين واصحاب المصالح الضيقة وسماسرة السياسة وعديمي الضمائر لذلك بعتبر أن إتهام كل من يؤيد خيار الحسم بعدم الإحساس بمعاناة المواطن او العمل ضد مصلحته امر فيه اجحاف كبير هذا إذا استبعدنا اصحاب الأجندة الذين يتعمدون مثل هذه التهم للشرفاء من كلا الطرفين.

 

*6*

من الحجج التي يستند عليها من يصف دعم خيار الحسم بدعم استمرار الحرب هو اتساع رقعة الحرب وتضخم فاتورتها وزيادة معاناة المواطن وبالطبع يرجع هذا الأمر لعدة اسباب منها أن الدولة السودانية وجدت نفسها لأول مرة تخوض حرباً بهذه التعقيدات وعلي خلاف كل الحروب التي كانت تبدأ من اطراف الدولة لأول مرة يبدأ تمرد من قلب العاصمة ومن داخل المدن والأحياء السكنية كل التمردات التي واجهتها الدولة كانت خارج منظومة الدولة وإمكانيات ضعيفة ولأول مرة تخوض الدولة حرباً ضد قوة كانت من ضمن مؤسسات الدولة وبإمكانيات تكاد تكون مساوية لإمكانيات الدولة اول مرة في التاريخ تخوض الدولة حرباً من قوة مدعومة من عدة دول بأحدث الأسلحة المتطورة واجهزة التشويش والرصد والتجسس علاوة علي الأف المرتزقة الذين تم تجنيدهم من عدة دول اقليمية وعربية للمشاركة مع القوات المتمردة في حربها ضد الدولة والسبب الحقيقي في هذه المآسي والمعاناة التي يتجرعها الشعب السوداني ليس الحرب وإنما الإسلوب الهمجي لمليشيا الدعم السريع التي تتعمد إذلال المواطن والإنتقام منه وقتله وتعذيبه وتشريده كلها مآسي ما كان لها أن تحدث لولا تعمد هذه المليشيا بإستهداف المدنيين والتعامل معهم كطرف في الصراع وما حدث ويحدث حالياً في ولاية الجزيرة من مجازر وجرائم إبادة جماعية للمدنيين العزل وبصورة يومية رغم وقوعها تحت سيطرة الدعم السريع بالكامل مع خلوها من اي عمليات عسكرية كافي للتأكيد علي أن المعاناة التي يتجرعها الشعب السوداني من نزوح وتشريد وقتل وتعذيب ليس بسبب الحرب وإنما بسبب السلوك الوحشي لمليشيا الدعم السريع فبالتالي اي اتفاق يبقي علي الجنجويد سيكون سبباً في زيادة المعاناة وليس إنهائها ولكن رغماً عن ذلك علينا أن نعترف بصدق بأن هنالك قصور واضح من الدولة في القيام بواجبها وتراخي واضح من القيادة في عدم جديتها في حسم التمرد ومآسي كثيرة تتحمل مسؤوليتها القيادة بتقصيرها الواضح في حماية المواطنين وعلي الدولة أن تنهض في القيام بواجبها.

 

وهنا قد يجد البعض مبرراً ليقول لذلك نحن نؤكد علي أن التفاوض هو الخيار الأفضل لإيقاف الحرب وفي تقديري هذا اعتقاد خاطيء ويصلح في حال كانت الدولة عاجزة فعلاً عن حسم التمرد ولكن كثير من الحقائق التي لا يسع المجال لذكرها كلها تؤكد علي أن القوات المسلحة قادرة تماماً علي تحرير كل شبر دنسته اقدام المتمردين إن تركت قيادتها هذا التردد والرضوخ للضغوطات الخارجية وتعاملت بجدية لحسم هذا التمرد وهذا ممكن بزيادة الضغط الشعبي والإعلامي علي قيادة الدولة لتحريك الجيوش المحبوسة في معسكراتها وإطلاق يدها لتحرير كافة المناطق المحتلة فبدل من أن نوجه جهدنا لإقناع الشعب بتفاوض ينتهك سيادة البلاد ويهدد وحدتها من الأفضل أن نوحد جهودنا للضغط علي القيادة للقيام بواجبها بحسم التمرد وتحرير البلاد من دنس المتمردين.

 

*ختاماً*

هنالك كثير من المبررات التي لم اتطرق لها تجنباً لإطالة المقال أكثر من هذا الحد ولأني سبق وقد ذكرتها سابقاً في مقال مناقشة مجموعة لالا للحرب لذلك لابد من التأكيد علي أنه لا يمكن فهم هذا المقال فهماً سليماً بدون الرجوع للمقال السابق والذي تحدثت فيه بالتفصيل عن موقف الرافعين لشعار لا للحرب وفندت فيه مزاعمهم وناقشت فيه سيناريوهات إيقاف الحرب وبينت أن خيار الحسم العسكري في تقديري هو الأفضل من بين كل السيناريوهات رغم كل ما فيه من التحديات بناء علي ما ذكرته من شواهد وقرائن وانصحكم بقرأته كاملاً ففيه كثير من الحقائق والتوضيحات وقد وضعت رابطه في الأعلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى