مفهوم المقاومة الشعبية الشاملة: رؤية استشرافية

بلو نايل بوست Blue Nile Post

مفهوم المقاومة الشعبية الشاملة: رؤية استشرافية

حسام الدين محمد عثمان علي عثمان

لم تكن حدثًا مفاجئًا، بل هي نتيجة لمؤامرة محكمة التخطيط والتنفيذ، تم إعدادها منذ زمن طويل. فقد اعتمد الكونغرس الأمريكي في عام 1982، خلال جلسة سرية، خطة استراتيجية استغرق إعدادها ثماني سنوات، واستغرقت المناقشات حولها وتعديلها عامين ونصف. هذه الخطة، التي أشرف على إعدادها الدكتور برنارد لويس، المعروف بلقب “سياف الشرق الأوسط”، كانت تهدف إلى الهيمنة الأمريكية على المناطق الاستراتيجية في العالم بحلول عام 2017، الذي يتزامن مع الذكرى المئوية لاتفاقية سايكس بيكو.

تتطلب المعارك التي تدور الآن في السودان إعادة تقييم المصطلحات والمفاهيم السياسية، وإعادة قراءتها وفقًا للوقائع اليومية. فالعالم اليوم يشهد صراعات تتجاوز الحدود التقليدية، مما يستدعي مراجعة الدراسات والأبحاث والنظريات السياسية والاستراتيجية التي يروج لها الغرب بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية.

من بين هذه النظريات، تبرز نظرية “صدام الحضارات” التي طرحها الفيلسوف الأمريكي صمويل هنتنغتون. تؤكد هذه النظرية على الاستعلاء الحضاري للقيم الغربية وثقافة الديمقراطية، مما يؤدي إلى صراع حضاري محتوم. ويشير هنتنغتون إلى أن أكبر التحديات التي ستواجه هذا الانتصار هي آليات المواجهة الفاعلة مع الحضارة الإسلامية، التي تمتلك تاريخًا ناصعًا ونموذجًا فريدًا للحكم الراشد والعدالة.

كما أن نظرية “نهاية التاريخ” للمفكر فرانسيس فوكو ياما تعكس رؤية الغرب تجاه الثقافات الأخرى. يرى فوكو ياما أن حركة التاريخ الإنساني ستتوقف عند ما وصلت إليه الحضارة الغربية، مما يعني أن العالم لن يجد ما يضيفه على ما أنتجته القيم الديمقراطية الغربية.

إن هذه المفاهيم تدعو إلى ضرورة صياغة خطاب حضاري عالمي جديد يقوم على مفاهيم الدولة المدنية والتحول الديمقراطي، ويعمل على توحيد العالم تحت مظلة القيم الديمقراطية. ولكن في ظل هذه الهيمنة الثقافية والسياسية، يبقى السؤال: كيف يمكن للشعوب المضطهدة، مثل الشعب السوداني، أن تقاوم وتعزز من مفهوم المقاومة الشعبية الشاملة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى