مكافحة حمى الضنك في السودان مسؤولية جماعية

مقاومة حمى الضنك في السودان: مسؤولية جماعية تتجاوز حدود الدواء

لا تبدأ مواجهة حمى الضنك بالدواء، بل بتغيير السلوك الجماعي، وتفعيل الإرادة المؤسسية، وتعبئة الموارد المحلية، إلى جانب إدارة متكاملة لإصحاح البيئة.

ففي ظل الانتشار الواسع للمرض والحميات المختلفة، ومع ضعف وانهيار النظام الصحي نتيجة الحرب، يصبح تضافر الجهود الشعبية والرسمية ضرورة عاجلة لا تحتمل التأجيل.

الماء أولاً

الخطوة الأهم في محاصرة المرض تبدأ من قطع دورة حياة البعوض الناقل.

تغطية خزانات المياه المنزلية بإحكام، والتخلص من الأوعية المكشوفة، وتجفيف البرك الراكدة بانتظام، كلها إجراءات بسيطة لكنها فعالة. وفي ظل وجود بيوت خالية أو مهجورة، فإن تنظيم يوم أسبوعي للنظافة في الأحياء لتجفيف البرك وإزالة مصادر التكاثر سيكون نشاطاً حيوياً.

النظافة العامة مسؤولية جماعية

المعركة مع البعوض ليست فردية.

تنظيف الشوارع من المخلفات بمشاركة الجيران، وتحويل المدارس ودور العبادة إلى مراكز للتوعية وحملات نظافة، يمكن أن يخلق قيمة اجتماعية مشتركة تجعل من مكافحة البعوض سلوكاً جماعياً لا مجرد إجراءات صحية.

الوقاية الفردية خط الدفاع الأول

النوم تحت ناموسيات معالجة بالمبيد، استخدام الشبك على الأبواب والنوافذ، وارتداء الملابس الطويلة في أوقات نشاط البعوض (الفجر والمساء)، جميعها ممارسات تقلل بشكل كبير من احتمالات الإصابة.

الصحة ليست ترفاً

الدور الحكومي أساسي في تجهيز المراكز الصحية بالعلاج الداعم، إذ لا يوجد علاج شافٍ للضنك، وإنما يعتمد التدخل على تعويض السوائل ومراقبة الصفائح الدموية. لا جدوى من البحث المفرط عن البندول الوريدي إذا كان المريض قادراً على تناوله بالفم، والأهم هو بدء العلاج دون تأخير. تدريب الكوادر الطبية على التمييز بين الضنك وغيره من الحميات مثل الملاريا، والإبلاغ المبكر عن الحالات، يمثلان خط دفاع مهم ضد الانتشار الأوسع.

المسؤولية المؤسسية ركن أساسي لمكافحة الوباء

على السلطات المحلية، رغم تحديات الحرب، تطوير شبكات الصرف وجمع النفايات، وتنظيم حملات رش جوية وأرضية لمحاصرة توالد البعوض.

إشراك منظمات المجتمع المدني والهيئات الإنسانية في حملات المكافحة والتوعية يضاعف الأثر الإيجابي.

في زمن الحرب، يصبح الدواء وحده غير كافٍ. مقاومة حمى الضنك في السودان امتحان لقدرتنا على النهوض كجماعة، أفراداً وأحياءً ومنظمات وسلطات.

فإما أن نكسر دورة المرض بسلوك جماعي منظم، أو يواصل المرض كسرنا واحداً بعد الآخر.