الماساي يُهجّرون وأرض الأجداد تتحول لمنتجع صيد إماراتي”

الخرطوم :بلو نايل بوست Blue Nile Post

أرض الأجداد تتحول إلى منتجع للأمراء

 

قبائل الماساي من أقدم الشعوب الرعوية في شرق إفريقيا، استوطنت منذ قرون أراضي إقليم نجورونجورو ولوليوندو في شمال تنزانيا، حيث ارتبطت حياتهم بالأرض التي توارثوها جيلاً بعد جيل.

منذ عام 2022 بدأت السلطات التنزانية في إخلاء تلك المناطق بالقوة، بذريعة تحويلها إلى “محمية طبيعية”، بينما الحقيقة أن أكثر من 500 كيلومتر مربع من الأراضي الأجدادية تم منحها لشركة OBC الإماراتية المملوكة لشخصيات مقربة من حكام أبوظبي، والمستخدمة منذ التسعينيات لتنظيم رحلات صيد فاخرة لأمراء إماراتيين.

تحت غطاء السياحة البيئية، يجري تهجير الماساي قسرًا، وإحراق منازلهم ومواشيهم، في واحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي البيئي في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، حيث وثّقت منظمات حقوقية استخدام العنف المفرط وإطلاق الرصاص الحي ضد السكان.

 

الدم مقابل الرفاهية.. كيف تعمل شركة الصيد الإماراتية؟

 

تعود شركة Otterlo Business Corporation (OBC) إلى تسعينيات القرن الماضي، حين بدأت الإمارات البحث عن مناطق نائية لصيد الطرائد الإفريقية النادرة كالأسود والفهود والغزلان.

التقارير الاستقصائية كشفت أن الشركة حصلت على امتيازات صيد حصرية في شمال تنزانيا، مقابل “استثمارات بيئية” وهمية، تُستخدم فعليًا كغطاء لرحلات ترفيهية مغلقة على النخبة الإماراتية.

في كل موسم صيد تهبط طائرات خاصة تقل أمراء من أبوظبي ودبي إلى محمية لوليوندو، حيث تُنصب المخيمات الفاخرة وتُجمع الحيوانات المستهدفة مسبقًا عبر فرق محلية.

المنظمات الحقوقية تؤكد أن عشرات الحيوانات المهددة بالانقراض تُقتل سنويًا، وأن عائدات الشركة لا تعود بأي فائدة على المجتمعات المحلية، بل تُستخدم لشراء صمت السلطات.

 

صمت تنزاني وتواطؤ سياسي

 

إدارة الرئيسة سامية سولوهو حسن تواجه اتهامات متزايدة بالتواطؤ مع المصالح الإماراتية.

فبدلاً من حماية حقوق السكان الأصليين، تتبنى الحكومة خطاب “الحفاظ على البيئة”، بزعم أن الماساي يهددون التوازن البيئي، وهو ما وصفته منظمات دولية بأنه “تبرير عنصري للإخلاء القسري”.

تقارير محلية تشير إلى أن الإمارات وعدت باستثمارات بمليارات الدولارات في السياحة والبنية التحتية مقابل تسهيل أنشطة OBC، وهو ما يفسر الدعم الرسمي الكبير الذي تحظى به الشركة رغم الانتقادات.

السلطات التنزانية منعت منظمات محلية من دخول مناطق الإخلاء لتوثيق الانتهاكات، واعتقلت ناشطين من الماساي بتهم “نشر معلومات كاذبة”، في محاولة لإسكات أي صوت معارض.

 

جريمة بيئية وإنسانية مكتملة الأركان

 

منظمات مثل العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” و”Survival International” وثّقت حالات طرد جماعي وعنف منظم ضد الماساي، وأكدت أن أكثر من 70 ألف شخص تضرروا مباشرة من الإخلاءات منذ عام 2022، ويعيش كثيرون منهم اليوم في مخيمات تفتقر إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية.

الناشطون يصفون ما يحدث بأنه “تطهير بيئي” يجمع بين نهب الأرض وتدمير الثقافة، إذ يُحرم الماساي من نمط حياتهم الرعوي الذي يمثل جوهر هويتهم.

المفارقة أن الإمارات التي تسوّق لنفسها كـ“عاصمة للتسامح” و“الاستدامة” تموّل واحدة من أبشع عمليات التهجير في القارة، فقط لإشباع نزوات الصيد الترفيهي لنخبتها الثرية.

 

الإمارات.. مشروع استعماري بواجهة اقتصادية

 

ما يجري في تنزانيا ليس حادثة معزولة، بل جزء من استراتيجية إماراتية أوسع للتوسع في إفريقيا عبر المال والاستثمار كغطاء لمشاريع أمنية واقتصادية استعمارية.

من السودان إلى الصومال، مرورًا بليبيا وتشاد، ووصولاً إلى تنزانيا ومدغشقر، تبني أبوظبي شبكة نفوذ تمتد من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي، هدفها التحكم في الموارد الطبيعية وخلق أنظمة تابعة تحمي مصالحها.

نموذج الماساي يكشف أن “الاستثمار الإماراتي” في إفريقيا ليس سوى ستار لنهب الأرض وإذلال الإنسان.

 

خاتمة: صيد الإمارات في إفريقيا ليس بريئًا

 

ما يحدث في تنزانيا يفضح الوجه الحقيقي للمشاريع الإماراتية في إفريقيا: الدم مقابل الترفيه.

في كل مرة ترفع أبوظبي شعار “الشراكة التنموية”، تخفي وراءه جريمة جديدة ضد شعب فقير أو أرض منهوبة.

الماساي الذين عاشوا قرونًا في وئام مع الطبيعة أصبحوا اليوم مشردين بسبب شهوة صيد أمراء الرمال.

وإذا كانت الإمارات قد دمرت السودان ومولّت الحروب في دارفور، فإنها الآن تطلق رصاصها على ثقافة بأكملها كانت تنعم بالسلام قبل أن تصلها الاستثمارات القاتلة من أبوظبي.

mohamed

بلو نايل بوست هي منصة إخبارية محلية وعالمية تهتم بنقل وتغطية الأحداث بكل مصداقية وحيادية. تسعى المنصة لتقديم تقارير دقيقة وشاملة عن الأحداث الجارية في مختلف المجالات، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. يعمل فريق بلو نايل بوست على توفير معلومات موثوقة ومحايدة للقراء، بهدف توفير منصة إخبارية تساهم في زيادة الوعي والتثقيف في المجتمع. #بلو_نايل_بوست Blue Nile Post

مواضيع فى نفس السياق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى