غياب محمد بن زايد اعتراضاً على دور القاهرة والدوحة وأنقرة
الخرطوم :بلو نايل بوست Blue Nile Post

غياب محمد بن زايد عن قمة شرم الشيخ… رسائل خفية وخطط لغزة
لم يكن غياب محمد بن زايد عن قمة شرم الشيخ خطوة بروتوكولية أو طارئة، بل قرارًا سياسيًا محسوبًا لتجنّب الظهور في مشهدٍ بدت فيه قطر ومصر وتركيا تتصدر أدوار التسوية الفعلية في ملف غزة، بما يحدّ من مساحة نفوذ أبوظبي في الترتيبات الإقليمية المقبلة.
تشير المعطيات إلى أن الصفقة التي دفع بها بن زايد – والمتطابقة إلى حدٍ كبير مع الموقف الإسرائيلي وربما أكثر تشددًا – تعرضت لتعديلٍ في اللحظات الأخيرة لصالح دورٍ أوسع لخصوم الإمارات الإقليميين، وآليات لا تُنهي حماس من جذورها كما كان يُراد، وهو ما أثار استياء القيادة الإماراتية.
قرار الغياب جاء منسجمًا مع غياب نتنياهو عن القمة؛ فكلاهما لم يرغب في أن يكون جزءًا من صورة “سلام” لا تلبّي شروطهما القصوى، ولا تحقق أهدافهما في إعادة صياغة المشهد الفلسطيني وفق الرؤية الأمنية والسياسية المشتركة بين الطرفين.
في الكواليس، تم إعداد نسخة معدلة من ترتيبات ما بعد الحرب، تضمنت:
دورًا محوريًا لكل من القاهرة والدوحة وأنقرة.
إبقاء بابٍ مرن حول وضع حماس وسلاحها دون استئصالٍ فوري كما طالبت أبوظبي وتل أبيب.
تفضيل عودة تدريجية للسلطة الفلسطينية بدلاً من فرض قيادة بديلة بشكل سريع وشامل.
ورغم الخطاب العلني للإمارات الداعي إلى وقف إطلاق النار والمساهمة في الإغاثة والإعمار، إلا أن الموقف الحقيقي – بحسب مصادر مطلعة – يتلخص في رفض أي وقفٍ للحرب يُبقي لحماس قدرة ميدانية أو شرعية سياسية.
تتمسك أبوظبي برؤية محددة تقوم على:
1. نزع مُحكم للسلاح داخل غزة.
2. إدارة انتقالية مراقبة بإشراف دولي مباشر، بقيادة توني بلير.
3. قيادة فلسطينية بديلة ومطواعة، يُرجح أن يكون نموذجها الأقرب محمد دحلان.
4. إعادة الإعمار بشروط مالية وأمنية صارمة تخضع لوصاية دولية.
كما تبدي الإمارات حساسية مفرطة تجاه تمكين تركيا وقطر ضمن ترتيبات ما بعد الحرب، معتبرة أن تصاعد دورهما يُقيد هامش تأثيرها في المشهد الفلسطيني.
غياب بن زايد – بالتزامن مع غياب نتنياهو – حمل إشارة سياسية واضحة برفضهما إضفاء شرعية رمزية على اتفاقٍ لم يحقق “النصاب الأمني والسياسي” المطلوب من وجهة نظرهما.
ومع ذلك، اكتفت الإمارات بإرسال مندوب يمثلها شكليًا في القمة، حفاظًا على الخيط الدبلوماسي الرفيع، مع الاحتفاظ بهامش مناورة خلف الكواليس عبر الضغط المالي والسياسي وشروط إعادة الإعمار في المراحل اللاحقة.